وعاد البيت هادئاً حزيناً
وعادت العبرات تملا مقلتيَّ
تحنُّ .. تئنُّ
تتحسر على حكم القدرِ
عشت هنيهات سعيدة
نسيت فيها لحظة الفراق
نسيت عجلة الزمان
واقتراب موعد السفرِ
كنت قاسي القلب متمرداً
اعتدت حياتك متفرداً
ونسيت حكم الأحبة
ومنعهم إياك من السهرِ
عدنا للوعظ والنصائح
عدنا لتأنيب صغيرنا
وحثه على الطاعات
لتأمين زاد نهاية العمر
فكنت تتأفف
وتنهر
تبتئس ولا تصبر
حتى احترقنا من الشرر
البعد جفاءٌ وعذابٌ
البعد خواءٌ وسرابٌ
فلا تطل الغياب
عن الأهل والأحباب
وتزيد من هذا الضرر
اعمل وتعلم
احمل وتحمل
ومهما طرت وارتفعت
مهما عطشت وجعت
سيعود نهرك ليصب في بحري
بحر الأم الواسع
الخضم الشاسع
من الحب والعطف
والتسامح واللطف
حتى تستوقفك حجارة قبري
وتقول لك أنا أمك يا ولد
وأم أجدادك
أنا البلد
ومهما داس علي أحد
سأبرق وألمع بعد المطرِ
وستسطع شمس الحرية
فتخجل الغيوم الذكية
وتعود النفوس الأبية
إلى حضني
إلى حصني
لتفرح بهذا الظفرِ